د. جولان موشي لاهط
ألفا هو الحرف الأول في الأبجدية اليونانية، أصله في اللغة الفينيقية والعبرية القديمة. كونه الحرف الأول في الأبجدية، عادة ما يستخدم كرمز للبادئات (عقد قانوني غير مكتمل مثلا، أو ما قاله يسوع عن نفسه في العهد الجديد أنه "ألفا وأوميغا"، أي بادئة وخاتمة كل شيء) وخاصة في القيادة والسيطرة، مثلا، يطلق في البيولوجيا اسم "ذكر الألفا" على الذكر المسيطر على مجموعته.
مع مرور الوقت، بعد الثورة العلمية عامةً وبعد نظرية داروين للارتقاء خاصةً، اكتسبت ألفا، أو التطلع إلى "أن تكون الأول"، تفسيرًا ذا دلالات بقائية، إن لم تكن وجودية. لم يكن البقاء من حصة الأقوى بالضرورة (على الرغم من أن هذا كان الحال في بعض الأحيان)، بل لمن ولد مع أفضل درجة من التكيف مع بيئته. قدّست الداروينية، التي بدأت كنظرية بيولوجية وتطورت إلى نظرية اجتماعية سياسية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الأولية كمفهوم مرغوب تحظى به الدول "السليمة" فقط، صاحبة فرص كسب الحرب الوجودية العالية.
حظي "أن تكون ألفا"، أي أن تكون الأول بتفسيرات فردانية بارزة. في عصر تسود فيه الرأسمالية التي تقدّس المنافسة والمصلحة الشخصية، أصبح الطموح "للفوز"، أي الكسب السريع بأكبر قدر ممكن، مؤشرًا يقاس من خلاله نجاح حياتنا كأفراد.
لكي تكون الأول في السياق المالي، الاجتماعي أو الأكاديمي، عليك أن تسعى إلى التميز القائم على الابتكار الرائد، الاجتهاد، المثابرة والحماس للتعلم. هل يمكننا التفكير في تاريخ العلم بدون "الألفات" الذين انطلقوا عبر الأجيال؟ هل كانت ستكون هنالك ثورة علمية بدون كوبرنيكوس أو جاليليو أو نيوتن؟ هل كان علم الجينات ليتطور دون تجارب مندل؟ علم الفلك بدون كيبلر وهابل؟ الفيزياء بدون آينشتاين أو نيلز بور؟
أن تكون "ألفا" يعني أن تكون قائدا وأن تكون على استعداد لدفع الثمن أحيانا، وأن تتخذ قرارات ليست مفهومة أو مقبولة بالضرورة. هذه المسيرة، "ضد التيار"، صعبة ومليئة بالتحديات، خاصة للشبيبة الذين عادة ما ينظرون إلى المقبول على أنه الطريق الوحيدة. ألفا هو المكان المناسب لإظهار أن من الممكن اتخاذ طريقا أخرى.
* د. جولان موشي لاهط هو محاضر في مساق العلوم السياسية في جامعة تل أبيب والمدير الأكاديمي لبرنامج إيدياه في جامعة تل أبيب.